لاشك أن وصول "ناريندرا مودي" إلى منصب رئيس وزراء الهند أمر مثير للريبة والقلق، خاصة أن له تاريخاً سيئاً تجاه كل ما هو مسلم. والأخطر أنه كان من الذين يطالبون بتجنيس العمالة الوافدة في دول الخليج العربي، ويسعى حثيثاً لدى هيئات الأمم المتحدة لفرض مثل هذه القوانين، التي تضمن له أن يتخلص من ملايين من الهنود بإيفادهم إلى دول الخليج وإعطائهم حقوق المواطنة. وهو الأمر الذي لم يسنه قانون، ولن يرضي دول الخليج التي منحت هذه الجنسيات فرص عمل وضخت المليارات للهند، فالعمالة وما تضخه من تحويلات تعد من مصادر دخل الدولة الهندية، فتحويلات العمالة الهندية في دول الخليج تصل إلى آلاف الملايين من الدولارات كل عام. إذا كان الناخب الهندي انتخب مثل هذا الرجل لوعوده وبرنامجه الاقتصادي، الذي ركز فيه على نهضة اقتصادية، وعلى منح فرص عمل للملايين، فهذا من حقه، لكن أن يتجاوز ويتدخل في شؤون دول تعتبر حليفاً استراتيجياً لبلاده منذ عشرات السنين، فهذا ما لاتقبله دول الخليج العربي. فقد فتحت - بعد دخول هذا الرجل - جبهة سجال جديدة كنا في غنى عنها، فقد بدأ في تجييش جيوشه، وفي المطالبة العلنية بتجنيس هذه العمالة الوافدة التي تقول كل أوراق وجودها على أراضي الخليج أن وجودها مؤقت، حالها حال أي جنسية أخرى. فخصائص دول الخليج من قلة السكان وغناها بالبترول جعلها محط أنظار كل الباحثين عن فرصة عمل أفضل، لكن ليس أكثر من فرصة عمل وحياة كريمة يحكمها القانون، بالتساوي مع الجميع، لكن أن تتحول هذه الإقامة إلى رغبة وطمع في الإقامة، فهذا أمر غير مقبول. فدول الخليج ليست "فيجي"، ولا يمكن أن تكون، وإذا أراد العامل الهندي أن يستمر في عمله على هذه الأرض عليه أن يُدرك حقيقة وضعه المؤقت، وأنه وافد وضيف له كل التقدير. مثل هذه القواعد لابد من إرسائها والتأكيد على تطبيقها، وسن قوانين تعزز حقيقة أن الوافد مؤقت ليس أكثر من ذلك، وليس له الحق في المطالبة بأكثر من ذلك، مثل هذه القضية التي تعد مسألة أمن قومي، لا يجب التساهل أو التهاون معها، فقد طال الأمد، ونحن في ترقب ومخاوف من مثل هذه المطالبات. ومن الضروري التصدي لهذه المشكلة حتى لا يدعي أي أحد مهما كان، ويطالب بما لا يستحق، ومن الأهمية بمكان ألا يتم السكوت عن هذه التصورات والتعامل معها بكل الأساليب القانونية والدبلوماسية. نحن دول ذات وضع خاص وظروف، أهمها أنها مطمع لكثيرين، ويعتبرونها فرصة، لابد من الانقضاض عليها في حالة غفلنا أو نسينا شيئاً من أبوابنا القانونية مشرَّعة أو مواربة.